موضوع: أين كنت - قصص نزار قباني الأحد 28 نوفمبر 2010, 3:52 pm
أقصوصة في حوار
نزار ب. الزين*
بعد أن ودعته الوداع الأخير ، و ذرفت ما ذرفت من دموع اللوعة ، و بينما هي مسترخية على كرسيها الهزاز تفكر في أيامه المؤلمة الأخيرة .. رن جرس الهاتف : - من معي من فضلك ؟ = أنا يوسف ابن المرحوم عطا الله اليوسف ! - تشرفنا ! = فقط أحببت أن أسألك ، متى ستخلين البيت ؟ - أخلي البيت ؟! و لِمَ عليَّ أن أخليه ؟ = لأنني بحاجة إليه ، لا تنسي أنني وريث المرحوم الوحيد ؟ - و لكنه بيتي ، وهبه لي المرحوم ! يصيح بأعلى صوته : = نعم ؟؟؟ هذا نصب و احتيال هذا اغتصاب لمال الغير .. هذا استغلال لأمانة أوكلت إليك ... لقد انتدبتك المستشفى للعناية بوالدي و ليس للإستيلاء على أمواله !... و الله و بالله ..لن أسكت على هذه السرقة العلنية ، لسوف أقاضيك و أجرك إلى المحاكم ..و سيكون ما بين القضبان بيتك و ليس بيت أبي !.... - هل انتهيت من سلسلة شتائمك يا سيد يوسف ؟؟ لقد جاء دوري لأرد عليك : أين كنت عندما ساءت صحة والدك ثم تدهورت ؟ أين كنت عندما هتك مرض السكري عينيه فتحول إلى نصف ضرير؟ أين كنت عندما نهشت قدمه القروح حتى اضطر الأطباء إلى بترها ؟ أين كنت عندما لم يعد قادرا على الحركة إلا بواسطة الكرسي المتحرك ؟ أين كنت عندما لم يعد قادرا على قضاء حاجاته الضرورية إلا بمساعدتي ؟ أين كنت عندما كنت أنظفه و أزيل عنه إفرازاته و قاذوراته ؟ أين كنت عندما تسمر على فراش الموت أكثر من أربعين يوما ؟ هل حاولتَ يوما أن تهاتفه و تسأل عنه ؟ و لمعلوماتك فقد تزوجني والدك زواجا شرعيا و بحضور الشهود ! و سجل البيت باسمي في السجل العقاري عندما كان في كامل وعيه ، و بحضور الشهود ! إفعل ما يحلو لك ، يا سيد يوسف ! قاضِني إن شئت ، و لكن فضيحتك سوف تكون على يديَّ .. ثم أغلقت مسرة الهاتف في وجهه .